بسم الله الرحمن الرحيم
هذا إبراهيم بن ميمون المروزي؛ كانت مهنته الصياغة، وطَرْق الذهب
والفضة، فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء للصلاة لا يردّها، أي أنه يُوقف
عمله ويذهب إلى الصلاة.
ويقول سعيد بن المسيب - التابعي الجليل -: "ما أذّن المؤذن من ثلاثين سنة إلاّ وأنا في المسجد".
وقال وكيع بن الجراح: اختلفت إلى الأعمش (سليمان بن مهران) قريبًا من سنتين؛ ما رأيته يقضي ركعة.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاة العشاء في جماعة، أحيا بقيّة ليلته[1]. وكأنه (رضي الله عنه) يعاقب نفسه بذلك.
وعن ربيعة بن يزيد الإيادي - رحمه الله - أنه قال: "ما أذّن المؤذن
لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلاّ وأنا في المسجد، إلاّ أن أكون مريضًا أو
مسافرًا.
وكان المزني - رحمه الله - إذا فاتته صلاة الجماعة، صلى تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرّة.
ويقول محمد بن سماعة بن عبيد الله التيمي - قاضي بغداد -: "مكثت
أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى، إلا يوم ماتت أمي، فصليت خمسًا
وعشرين صلاة، أريد التضعيف". مع أنه يكفي أن يصليها مرة واحدة، ويعطيه الله
عز وجل الأجر المضاعف على نيته، ولكن هكذا بلغ بهم اجتهادهم، وأخذهم على
أنفسهم.
وهذا عامر بن عبدالله بن الزبير - وهو من كبار التابعين - سمع المؤذن
لصلاة المغرب، وكان في سكرات الموت، فقال لمن حوله: خذوا بيدي إلى المسجد،
فقالوا له: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه؟ فأخذوا بيده، فدخل مع الإمام في الصلاة، فركع ركعة ثم مات رحمه الله[2].
وهذا عدي بن حاتم (رضي الله عنه) يقول: "ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلاّ وأنا على وضوء" وقال: "ما دخل وقت صلاة حتى أشتاق إليها"[3].
فأسأل الله أن يجعلنا من المسارعين إلى الصلوات في أوقاتها.
[1] سير أعلام النبلاء 3/235 .
[2] سير أعلام النبلاء 3/220 .
[3] المرجع السابق 3/164
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان